سمعت عن إختفاء الصحفي رضا هلال من مده ولم أدرك كل ما في الأمر وما يمكن أن يكون ورائه فلم تكن هناك وقتها إشارات بين السطور ولم أكن أعرفه لأني من زمن طويل لا أقرأ الصحافة المصرية الحكوميه ولكن الأن ما تردد من معلومات بعد ستة سنوات من إختفائه حول وجوده في أحد سجون الأسكندرية جعلني أبحث عن مذيدا من المعلومات عنه فإكتشفت إن إتهام النظام السياسي في مصر كان موجودا في ذهن المقربين ولكن لم يظهروه في البداية لوسائل الإعلام وأن محمد عبد القدوس مقرر لجنة الحريات في نقابة الصحفيين أعلن الشكوك في النظام السياسي في ندوة عنه في النقابة وقال أن زوال عصر مبارك وما يعقبه من فتح طبيعي لملفات فساده كما يحدث دائما أن يفتح العصر الجديد ملفات فساد الذي سبقه كفيل بكشف الحقيقه وأن أسرته كشفت إنه تلقى تهديدا من رئاسة الجمهورية قبل إختفائه وحاليا تربط الأسرة ظهوره بتغير الوضع السياسي وعرفت إنه لم يكن صحفي عادي بل كان كاتب ليبرالي جريء, معادي للإسلاميين والقوميين, محب لأمريكا داعما لها في تغير الأنظمة الإستبدادية في باقي دول الشرق الأوسط بعد أن تفرغ من تغيير النظام في العراق وهو نائب رئيس تحرير الأهرام يكتب أرائه تلك وتحليلاته في صحيفة الأهرام التابعة للدولة
بحثت عن شيء أقرئه له فوجدت كتاب قام بترجمته وأخر ألفه وبعض المقالات تكشف عن عمق رائع وخبرة حقيقية بأمريكا وما يحدث وإستمتعت جدا بأن تعرفت على هذا الكاتب
وهذا مقال له سأنشره لعمقه وفائدته فهو يرد على من قالوا إن أمريكا ذهبت للعراق من اجل البترول و رغم عدم ممانعتي شخصيا لأن يكون هذا هدف لهم لكون ذهابهم مساعدة للشعب العراقي برغبة وطلب المعارضة العراقية والتي إجتمعت وفوضتها ونالت الحكم بإنتخابات متكررة حرة في العراق بعد ذلك فلا مانع من أن يعوض الشعب العراقي الشعب الامريكي على ما تكبده حتى حرر بلده وأرى أن أي كلام عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق ولم يكن صحيحا إنما هو شأن داخلي أمريكي تماما كشأن إختلاف المصريين حول تورطهم في حرب لليمن لكن لا يمنع ذلك أن يكون المصري المختلف مع قرار الحرب في اليمن أمام الدولة اليمنية في موقف صاحب الدور والخدمه بغض النظر إن كان هو داخليا إختلف أو إتفق مع قرار بلده فهو أو أبائه وأجداده أدوا تلك التضحية والخدمة لليمن. وأيضا لذكرى إختفاء رضا هلال والتى تماثل اليوم تحديدا منذ ستة سنوات
و في هذا المقال يكشف رضا هلال عن سبعة أسباب كلها فوائد في تحرير العراق من صدام و إقامة نموذج حكم ديمقراطي تحتاجه دول المنطقه بشده لكن المبطلين لا يتكلمون أو يشيرون لها ويحرص الإعلام على ألا نعرفها
سيناريو بوش للشرق الأوسط.. أفلح إن صدق
ليس من قبيل المغالاة القول بأن خطاب الرئيس جورج دبليو بوش في حفل العشاء السنوي لمعهد «أميركان انتربرايز» يوم 26 فبراير (شباط) الماضي، كان بمثابة «اعلان الحرب» ضد العراق، وقد كان للمكان والزمان اللذين ألقي فيهما الخطاب ذلك المغزى.
فالمكان هو معهد «أميركان انتربرايز» اقدم معقل للمحافظين الجدد منذ انشائه قبل اكثر من 60 عاما، والذي أصبح عش الصقور منذ ان عشش فيه ريتشارد بيرل (رئيس مجلس سياسات الدفاع حاليا) وتآلف فيه مع اليمينية الصقر جين كيركباتريك (مندوبة أميركا في الأمم المتحدة خلال حكم ريغان) وصادق فيه ديفيد ورمزر وكتب له مقدمة كتاب «حليف الطغيان: فشل أميركا في هزيمة صدام حسين»، كما زامل هناك زوجة ورمزر وهي ميراف ورمزر المؤسس المشارك لعقيد الاستخبارات الاسرائيلية بيجال كارمون لموقع «مركز بحوث اعلام الشرق الأوسط Memri» الذي ينشر على «الانترنت» ترجمة لمقالات الصحف العربية التي تعتبر معادية لأميركا ولليهود.
كما يضم عش الصقور والمحافظين الجدد «أميركان انتربرايز» عالم السياسة صمويل هانتنجتون صاحب كتاب «صدام الحضارات» والبروفيسور إليوت كوهين الكاتب المفضل للرئيس الأميركي وصاحب تعبير «الحرب العالمية الرابعة» في وصف ما تسمى «الحرب ضد الارهاب».
وكل من زاروا معهد «أميركان انتربرايز»، يعرفون ان مبناه جنوب واشنطن. دي. سي، يستضيف في طابقه الثالث مركز أبحاث «مشروع القرن الأميركي الجديد» الذي تضمن اعلان مبادئه عام 1997 التفوق العسكري الأميركي عالميا، ومنع صعود أية قوة عالمية منافسة وتغيير النظام في العراق وإيران وكوريا الشمالية والصين ان امكن، وكان بين الموقعين على ذلك الاعلان كل من ديك تشيني، ودونالد رامسفيلد وبول ولفويتز واليوت ابرامز، وزلماي خليل زاد، وفرانسيس فوكوياما، وصمويل هانتنجتون.
وكان ذا دلالة ان يكون من استقبل الرئيس بوش عند باب «أميركان انتربرايز» هو ايرفنج كريستود الأب المؤسس والروحي لتيار المحافظين الجدد.
ومن هنا، فان اختيار بوش لمعهد «أميركان انتربرايز» لالقاء «اعلان الحرب»، وفي يوم 26 فبراير الذي كان قد تحددت صبيحته لبدء الحرب (قبل مظاهرات أوروبا)، معناه ان بوش قد انحاز لرؤية الصقور والمحافظين الجدد للشرق الأوسط التي تحددت في تغيير النظام في العراق كمقدمة لتغييرات في الشرق الأوسط وحل النزاع العربي ـ الاسرائيلي.
وكما يبدو سيناريو بوش (تصور الصقور والمحافظين الجدد) لنا، فانه يقلب المعادلة، بالتركيز على تغيير النظام في العراق بدلا من التركيز على تسوية النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي (والصراع العربي ـ الاسرائيلي عموما)، وبالمخالفة لما سارت علي ادارة كلينتون.
وبالنسبة لمؤيدي سيناريو بوش، فان تغيير النظام في العراق سيحدث تغييرات في الشرق الأوسط تؤدي الى حل الصراع العربي ـ الاسرائيلي في النهاية. وذلك ما عبر عنه بوش صراحة في خطابه في معهد «أميركان انتربرايز» بقوله: ان تغيير النظام في العراق سيفسح المجال امام تغييرات إيجابية في كامل منطقة الشرق الأوسط، كما انه سيساعد في السير قدما نحو تنفيذ رؤيتي (رؤية بوش) الخاصة بالنزاع الفلسطيني ــ الاسرائىلي.
ويوضح بوش ذلك في الخطاب نفسه بقوله: «ان قيام نظام جديد في العراق سيخدم كمثال مهم جدا للحرية يلهم البلدان الأخرى في المنطقة، وسيشكل بداية مرحلة جديدة للسلام في الشرق الاوسط ويحرك التقدم نحو دولة فلسطينية ديمقراطية حقا».
فهل يصدق سيناريو بوش؟
في تحليله لرؤية الصقور والمحافظين الجدد للشرق الأوسط (سيناريو بوش) توصل الباحث فيليب جوردون من معهد بروكنجز، الى ان هناك ثلاثة افتراضات تقوم عليها هذه الرؤية.
الافتراض الرئيسي هو ان الوضع الراهن Status Quo في الشرق الأوسط لم يعد مقبولا بعد الهجمات الانتحارية على واشنطن ونيويورك في 11 سبتمبر (أيلول)، فالذين فجروا الطائرات الانتحارية في برجي مركز التجارة العالمي ومقر البنتاغون جاءوا من العالم العربي مدفوعين بكراهية للولايات المتحدة سببها الدعم الأميركي لنظم غير ديمقراطية.
والافتراض الثاني ان بقاء نظام صدام حسين فضلا عن انه يعني بقاء المثال المجسد للديكتاتورية في المنطقة، فانه يمثل تهديدا سواء استمرت العقوبات ضده او رفعت، مع احتمال تطويره لأسلحة دمار شامل وربما لسلاح نووي، بما يجعل تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة مستحيلا.
والافتراض الثالث الذي ينبني عليه سيناريو بوش يتعلق باسرائيل، فادارة بوش قد استخلصت من تجربة ادارة كلينتون (فشل مباحثات كامب ديفيد 2) ان الولايات المتحدة مهما فعلت لن تستطيع تحقيق السلام بين الفلسطينيين واسرائيل، طالما ان هناك دولا في الشرق الاوسط تدعم بالتدريب والمال ما تسميه الادارة «الارهاب الفلسطيني»، وطالما لم تتغير القيادة الفلسطينية.
أما الافتراض الرابع فهو ان تحقيق السلام على المدى الطويل، والاستقرار، وانهاء الارهاب المعادي لأميركا، لن يكون ممكنا الا اذا اصبحت نظم الحكم في المنطقة اكثر ديمقراطية.
وبناء على الافتراضات السابقة جاء سيناريو بوش للشرق الأوسط كما ورد في خطابه امام «أميركان انتربرايز»، وبدأ السيناريو بتغيير النظام في العراق وليس بحل النزاع الفلسطيني ـ الاسرائىلي.
ففكرة البدء بالاطاحة بنظام صدام حسين، كما يتضمن سيناريو بوش تفترض تحقيق مزايا عديدة.
فاسقاط نظام صدام، يعني خلع ديكتاتور، يحكم بغرف التعذيب ومعامل السموم حسب وصف بوش.
ومن ناحية ثانية، فان اسقاط نظام صدام، يعني رفع العقوبات عن العراقيين واعادة بناء العراق بأموال البترول العراقي.
ومن ناحية ثالثة، فان زوال التهديد الذي يفرضه استمرار نظام صدام، يعني تقليص الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.
ومن ناحية رابعة، يترتب على رفع الحظر والعقوبات وتقليص الوجود العسكري، تخفيف حدة الكراهية ضد أميركا في المنطقة.
ومن ناحية خامسة، فان قيام نظام ديمقراطي في العراق، يعتبر مثالا مهما في المنطقة.
ومن ناحية سادسة، وبكلمات بوش، فان زوال نظام صدام حسين سوف يحرم شبكات الارهاب من راع ثري يدفع الاموال لتدريب الارهابيين ولأسرهم، ويعني ان الانظمة الاخرى ستتلقى تحذيرا واضحا بأن دعم الارهاب لن يكون مقبولا.
ومن ناحية اخيرة، وبحسب كلمات بوش ـ ايضا ـ فانه بعد زوال التهديد الارهابي وتحسن الوضع الأمني، يتوقع من حكومة اسرائيل الجديدة ان تساند انشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة، كما يتوقع من الدول العربية ان تساند قيام دولة فلسطينية مسالمة وديمقراطية وان تعلن بوضوح انها ستعيش في سلام مع اسرائىل.
فهل يفلح سيناريو بوش؟
يبدو العيب الرئيسي في سيناريو بوش انه يقوم على افتراضات تبسيطية ومتفائلة جدا، واذا سلمنا بافتراض ان ازاحة النظام العراقي ستكون سهلة دون حرب أهلية ودون احراق آبار البترول ودون تقسيم العراق (وهذا محل شك)، فان الافتراضات التي يقوم عليها سيناريو بوش لايقبلها العرب بل ان بعضها غير منطقي أصلا.
فالسيناريو يفترض ان العراق هو التهديد الرئيسي لاستقرار المنطقة وليس التهديد الاسرائيلي كما يرى العرب وكما يبين واقع الحال، كما يفترض السيناريو ان هزيمة صدام حسين ستعني نهاية المقاومة الفلسطينية او ستعني تخلي العرب عن حقوقهم، وهذا افتراض غير صحيح.
واذا انتقلنا الى مسألة الديمقراطية، فان خطاب ـ سيناريو بوش ـ يعيبه التبسيط عندما يفترض امكان تحقيق الديمقراطية بين يوم وليلة، فالديمقراطية افكار ومؤسسات تبذر وتترعرع عبر عملية تطور اجتماعي واقتصادي، ومقارنة الدول العربية باليابان وألمانيا اللتين كانتا قد انجزتا الثورة الصناعية عند احتلال أميركا لهما هي مقارنة في غير محلها، أما اذا اقتصرنا في الديمقراطية على الانتخابات (دون الافكار والمؤسسات الليبرالية)، فان النتيجة ستكون فوز الجماعات الاسلامية، والاخوان المسلمين لتكون انتخابات لمرة واحدة للأبد.
والاغرب ان افتراضات بوش تتناقض حين تفترض ان النظم العربية الحاكمة ستتحالف معه لمكافحة الارهاب واسقاط نظام صدام حسين والضغط على الفلسطينيين للتسوية مع اسرائيل، وذلك في الوقت الذي يطالب فيه بتغيير تلك الانظمة.
فالمكان هو معهد «أميركان انتربرايز» اقدم معقل للمحافظين الجدد منذ انشائه قبل اكثر من 60 عاما، والذي أصبح عش الصقور منذ ان عشش فيه ريتشارد بيرل (رئيس مجلس سياسات الدفاع حاليا) وتآلف فيه مع اليمينية الصقر جين كيركباتريك (مندوبة أميركا في الأمم المتحدة خلال حكم ريغان) وصادق فيه ديفيد ورمزر وكتب له مقدمة كتاب «حليف الطغيان: فشل أميركا في هزيمة صدام حسين»، كما زامل هناك زوجة ورمزر وهي ميراف ورمزر المؤسس المشارك لعقيد الاستخبارات الاسرائيلية بيجال كارمون لموقع «مركز بحوث اعلام الشرق الأوسط Memri» الذي ينشر على «الانترنت» ترجمة لمقالات الصحف العربية التي تعتبر معادية لأميركا ولليهود.
كما يضم عش الصقور والمحافظين الجدد «أميركان انتربرايز» عالم السياسة صمويل هانتنجتون صاحب كتاب «صدام الحضارات» والبروفيسور إليوت كوهين الكاتب المفضل للرئيس الأميركي وصاحب تعبير «الحرب العالمية الرابعة» في وصف ما تسمى «الحرب ضد الارهاب».
وكل من زاروا معهد «أميركان انتربرايز»، يعرفون ان مبناه جنوب واشنطن. دي. سي، يستضيف في طابقه الثالث مركز أبحاث «مشروع القرن الأميركي الجديد» الذي تضمن اعلان مبادئه عام 1997 التفوق العسكري الأميركي عالميا، ومنع صعود أية قوة عالمية منافسة وتغيير النظام في العراق وإيران وكوريا الشمالية والصين ان امكن، وكان بين الموقعين على ذلك الاعلان كل من ديك تشيني، ودونالد رامسفيلد وبول ولفويتز واليوت ابرامز، وزلماي خليل زاد، وفرانسيس فوكوياما، وصمويل هانتنجتون.
وكان ذا دلالة ان يكون من استقبل الرئيس بوش عند باب «أميركان انتربرايز» هو ايرفنج كريستود الأب المؤسس والروحي لتيار المحافظين الجدد.
ومن هنا، فان اختيار بوش لمعهد «أميركان انتربرايز» لالقاء «اعلان الحرب»، وفي يوم 26 فبراير الذي كان قد تحددت صبيحته لبدء الحرب (قبل مظاهرات أوروبا)، معناه ان بوش قد انحاز لرؤية الصقور والمحافظين الجدد للشرق الأوسط التي تحددت في تغيير النظام في العراق كمقدمة لتغييرات في الشرق الأوسط وحل النزاع العربي ـ الاسرائيلي.
وكما يبدو سيناريو بوش (تصور الصقور والمحافظين الجدد) لنا، فانه يقلب المعادلة، بالتركيز على تغيير النظام في العراق بدلا من التركيز على تسوية النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي (والصراع العربي ـ الاسرائيلي عموما)، وبالمخالفة لما سارت علي ادارة كلينتون.
وبالنسبة لمؤيدي سيناريو بوش، فان تغيير النظام في العراق سيحدث تغييرات في الشرق الأوسط تؤدي الى حل الصراع العربي ـ الاسرائيلي في النهاية. وذلك ما عبر عنه بوش صراحة في خطابه في معهد «أميركان انتربرايز» بقوله: ان تغيير النظام في العراق سيفسح المجال امام تغييرات إيجابية في كامل منطقة الشرق الأوسط، كما انه سيساعد في السير قدما نحو تنفيذ رؤيتي (رؤية بوش) الخاصة بالنزاع الفلسطيني ــ الاسرائىلي.
ويوضح بوش ذلك في الخطاب نفسه بقوله: «ان قيام نظام جديد في العراق سيخدم كمثال مهم جدا للحرية يلهم البلدان الأخرى في المنطقة، وسيشكل بداية مرحلة جديدة للسلام في الشرق الاوسط ويحرك التقدم نحو دولة فلسطينية ديمقراطية حقا».
فهل يصدق سيناريو بوش؟
في تحليله لرؤية الصقور والمحافظين الجدد للشرق الأوسط (سيناريو بوش) توصل الباحث فيليب جوردون من معهد بروكنجز، الى ان هناك ثلاثة افتراضات تقوم عليها هذه الرؤية.
الافتراض الرئيسي هو ان الوضع الراهن Status Quo في الشرق الأوسط لم يعد مقبولا بعد الهجمات الانتحارية على واشنطن ونيويورك في 11 سبتمبر (أيلول)، فالذين فجروا الطائرات الانتحارية في برجي مركز التجارة العالمي ومقر البنتاغون جاءوا من العالم العربي مدفوعين بكراهية للولايات المتحدة سببها الدعم الأميركي لنظم غير ديمقراطية.
والافتراض الثاني ان بقاء نظام صدام حسين فضلا عن انه يعني بقاء المثال المجسد للديكتاتورية في المنطقة، فانه يمثل تهديدا سواء استمرت العقوبات ضده او رفعت، مع احتمال تطويره لأسلحة دمار شامل وربما لسلاح نووي، بما يجعل تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة مستحيلا.
والافتراض الثالث الذي ينبني عليه سيناريو بوش يتعلق باسرائيل، فادارة بوش قد استخلصت من تجربة ادارة كلينتون (فشل مباحثات كامب ديفيد 2) ان الولايات المتحدة مهما فعلت لن تستطيع تحقيق السلام بين الفلسطينيين واسرائيل، طالما ان هناك دولا في الشرق الاوسط تدعم بالتدريب والمال ما تسميه الادارة «الارهاب الفلسطيني»، وطالما لم تتغير القيادة الفلسطينية.
أما الافتراض الرابع فهو ان تحقيق السلام على المدى الطويل، والاستقرار، وانهاء الارهاب المعادي لأميركا، لن يكون ممكنا الا اذا اصبحت نظم الحكم في المنطقة اكثر ديمقراطية.
وبناء على الافتراضات السابقة جاء سيناريو بوش للشرق الأوسط كما ورد في خطابه امام «أميركان انتربرايز»، وبدأ السيناريو بتغيير النظام في العراق وليس بحل النزاع الفلسطيني ـ الاسرائىلي.
ففكرة البدء بالاطاحة بنظام صدام حسين، كما يتضمن سيناريو بوش تفترض تحقيق مزايا عديدة.
فاسقاط نظام صدام، يعني خلع ديكتاتور، يحكم بغرف التعذيب ومعامل السموم حسب وصف بوش.
ومن ناحية ثانية، فان اسقاط نظام صدام، يعني رفع العقوبات عن العراقيين واعادة بناء العراق بأموال البترول العراقي.
ومن ناحية ثالثة، فان زوال التهديد الذي يفرضه استمرار نظام صدام، يعني تقليص الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.
ومن ناحية رابعة، يترتب على رفع الحظر والعقوبات وتقليص الوجود العسكري، تخفيف حدة الكراهية ضد أميركا في المنطقة.
ومن ناحية خامسة، فان قيام نظام ديمقراطي في العراق، يعتبر مثالا مهما في المنطقة.
ومن ناحية سادسة، وبكلمات بوش، فان زوال نظام صدام حسين سوف يحرم شبكات الارهاب من راع ثري يدفع الاموال لتدريب الارهابيين ولأسرهم، ويعني ان الانظمة الاخرى ستتلقى تحذيرا واضحا بأن دعم الارهاب لن يكون مقبولا.
ومن ناحية اخيرة، وبحسب كلمات بوش ـ ايضا ـ فانه بعد زوال التهديد الارهابي وتحسن الوضع الأمني، يتوقع من حكومة اسرائيل الجديدة ان تساند انشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة، كما يتوقع من الدول العربية ان تساند قيام دولة فلسطينية مسالمة وديمقراطية وان تعلن بوضوح انها ستعيش في سلام مع اسرائىل.
فهل يفلح سيناريو بوش؟
يبدو العيب الرئيسي في سيناريو بوش انه يقوم على افتراضات تبسيطية ومتفائلة جدا، واذا سلمنا بافتراض ان ازاحة النظام العراقي ستكون سهلة دون حرب أهلية ودون احراق آبار البترول ودون تقسيم العراق (وهذا محل شك)، فان الافتراضات التي يقوم عليها سيناريو بوش لايقبلها العرب بل ان بعضها غير منطقي أصلا.
فالسيناريو يفترض ان العراق هو التهديد الرئيسي لاستقرار المنطقة وليس التهديد الاسرائيلي كما يرى العرب وكما يبين واقع الحال، كما يفترض السيناريو ان هزيمة صدام حسين ستعني نهاية المقاومة الفلسطينية او ستعني تخلي العرب عن حقوقهم، وهذا افتراض غير صحيح.
واذا انتقلنا الى مسألة الديمقراطية، فان خطاب ـ سيناريو بوش ـ يعيبه التبسيط عندما يفترض امكان تحقيق الديمقراطية بين يوم وليلة، فالديمقراطية افكار ومؤسسات تبذر وتترعرع عبر عملية تطور اجتماعي واقتصادي، ومقارنة الدول العربية باليابان وألمانيا اللتين كانتا قد انجزتا الثورة الصناعية عند احتلال أميركا لهما هي مقارنة في غير محلها، أما اذا اقتصرنا في الديمقراطية على الانتخابات (دون الافكار والمؤسسات الليبرالية)، فان النتيجة ستكون فوز الجماعات الاسلامية، والاخوان المسلمين لتكون انتخابات لمرة واحدة للأبد.
والاغرب ان افتراضات بوش تتناقض حين تفترض ان النظم العربية الحاكمة ستتحالف معه لمكافحة الارهاب واسقاط نظام صدام حسين والضغط على الفلسطينيين للتسوية مع اسرائيل، وذلك في الوقت الذي يطالب فيه بتغيير تلك الانظمة.